كانت ليلة عمري، ولكن فستان زفافي الذي طالما داعب أحلامي لم يكن أبداً على مقاسي، تمزق الفستان وضحكت المدعوات، وهرب العريس.. هذه قصة ليندا باختصار؛ لأنها بدينة؛ ولأنها لم تحسب حساب هذا اليوم الذي ستكون فيه عروساً «في الكوشة»، وستكون تحت المجهر بالنسبة للمدعوات من أقاربها وأقارب عريسها وغيرها كثيرات أفسدت بدانتهن فستان زفافهن.
تيك...تيك كنت بدينة واخترت ثوب زفاف أضيق من مقاسي الحقيقي؛ بناء على نصيحة منْ حولي؛ لكي أبدو أقل بدانة، وما إن بدأت مراسم الزفاف، وبدأت في الحركة والرقص؛ حتى بدأ الفستان في التمزق من أماكن مختلفة، وليت الأمر توقف عند ذلك، بل بدأ بالتفتق والتمزق؛ مُحدثاً صوتاً عالياً سمعه العريس، وبدأت النساء بالضحك والإشارة لي بعبارات ساخرة، فما كان من العريس إلا الانسحاب من قاعة الزفاف، وقال لأبي: كم سيكون وزنها بعد أن تنجب طفلها الأول؟ ومرت خمس سنوات لم أسمع عنه خبراً. الخياطة بديعة كنت أزور خياطة العرائس الشهيرة بديعة، فزفاف أختي بعد شهرين، وعلينا تجهيز الكثير من الفساتين، وأولها فستان زفافها، وكانت بديعة تعمل منذ نصف قرن في المهنة، وسر شهرتها وإقبال العرائس عليها براعتها في إضافة وصلات داخل فساتين الزفاف والسهرة، كما أنها تزيد من الخياطات في الجوانب، وذلك تحسباً لزيادة وزن العروس مستقبلاً.
وكنت أخفي خيبتي، وأحاول تجاهل ذكرياتي مع فستان الزفاف الذي دمر فرحتي، لكن فجأة بدأت بديعة تروي الكثير من النوادر عن الأزواج، الذين يحرصون على قوام زوجاتهم، ووجدتها تتحدث عن عريسي الهارب، فقد عرفته من طريقة وصفها له، وروت ضاحكة كيف طلب منها ألا تُزيد «خياطات» على جوانب أي فستان تقوم بخياطته لعروسه؛ حتى يعرف أنه عندما يصبح ضيقاً عليها أن وزنها قد زاد، وعليها أن تلجأ للريجيم والرياضة، ولا تلجأ للخياطة «بديعة»؛ لفتح الخياطات الجانبية وتوسيع الفستان دون علمه.
تابعت بديعة: ظل يراقب كل فستان كنت أخيطه لعروسه، ويتأكد أني أقص القماش على قياسها بالتمام، ولا أترك ولو مليمترا واحدا داخليا، وبالفعل ربما هي العروس الوحيدة التي لم يزد وزنها رغم مرور سنوات كثيرة على زواجها، أما غيرها فبعد عام واحد أو أقل، كن يأتين لي؛ لكي أفتح الخياطات، وأوسع الفساتين والتنورات والجلابيات دون علم أزواجهن؛ حيثُ تخصصت بخياطة جهازات العرائس، ولا زالت الكثير من نساء غزة يقبلن عليَّ رغم انتشار الملابس الجاهزة. وفي نهاية الجلسة بدأت بديعة تملي علينا نصائحها الشهيرة في اختيار الفساتين، وأخرجت قلماً، وبدأت أكتب نصائحها لأداري دمعة كادت تفضحني، وبدأ صوتها يرن في أذني: _ ابتعدي عن اختيار فستان زفاف مكون من طبقات أو ذي خصر منخفض، إذا كانت بدانتك تتركز في منطقة محيط الخصر والصدر. _ اختاري الأقمشة الناعمة، إذا كان نصفك العلوي أكثر بدانة من نصفك السفلي. _ إذا كان نصفك العلوي أكثر نحافة من السفلي؛ فاختاري قصة مستقيمة وخالية من الإضافات، واختاري قصة للرقبة «العنق»؛ لتلفت الأنظار عن منطقة الأرداف. _ إذا كنت ممتلئة الذراعين ابتعدي عن فساتين الزفاف التي بلا أكمام. _ ابتعدي عن الإكسسوارات والزخارف التي تتركز على الخصر الصدر؛ حتى لا تظهر بدانتك في تلك المناطق.